لا تبحثوا عن الاستقرار في هذه الحياة.
سأتحدث في هذا المقال القصير {3 دقائق قراءة} عن تجربتي في القفز المظلي الحياتي وخوض غمار المخاطرة.
مرحبا صديقي!! هناك لحظات فارقة في حياتنا هي المسؤولة عن تشكيل حاضرنا. تحدث هذه اللحظات عندما نقرر أن نتغير. قد يكون هذا التغيير في المكان الذي نعيش أو نعمل فيه، أو في الأشخاص الذين نقضي معظم وقتنا معهم، أو حتى في تسريحة شعرنا ولبسنا. كلما كان التغيير كبيرًا ومخيفًا، وكلما كانت شدة المقاومة التي نشعر بها أعلى، كانت نتيجة التغيير أكبر.
عن نفسي، انتقلت من منزل عائلتي للعيش وحيدًا على بعد 500 كلم لأول مرة منذ ولدت. كان التغيير هائلًا للغاية بالنسبة لي؛ شعرت بالخوف وعدم الارتياح حيث أصبحت مسؤولًا عن كل ما يتعلق بحياتي بشكل مباشر، من سكن وأكل وغسيل وعمل. لكن بعد مرور أسابيع أصبح الأمر أكثر سهولة وبدأت أعتاد الحياة الجديدة، بل وبدأت أحصد نتائج التغيير. صرت شخصًا ناضجًا يعتمد على نفسه، تضاعف دخلي مرتين حيث كنت أكسب قليلًا من العمل الحر قبل ذلك، لكن بعد انتقالي أصبحت أكثر جدية حيال مستقبلي، وهذا ما مكنني من تطوير عملي ومضاعفة دخلي.
كتب بحب من طرف ❤️ محمد لمين مدور
بعد قرابة سنة، توظفت في شركة رائدة في الجزائر. قبلها، قررت أن أجرب الحياة الوظيفية من باب التغيير، وأيضًا كوني انطوائيًا أردت أن أحتك أكثر بالناس والمجتمع. وقد كانت تجربة ثرية بما فيها من مساوئ وظروف صعبة؛ تعرفت على أشخاص مميزين واختلطت أكثر بناس يشاركونني نفس الاهتمامات والشغف.
لكن بعد مرور أول سنة، بدأت لا أطيق بيئة العمل التي كنت فيها، وأصبحت أكره الاستيقاظ صباحًا للذهاب إلى العمل. بدأت أفكر في الاستقالة جديًا، لكن الموضوع استغرق مني نصف سنة لاتخاذ القرار، فكما هو معروف، الإنسان بطبعه يتعود، والتعود يدخلك في دائرة من الركود والتكرار. لن أسميها منطقة الراحة لأنها لم تكن كذلك فعلا 😆.
بعد أخذ ورد مع نفسي، قررت التوقف وحددت موعدًا نهائيًا لذلك دون معرفة ما هي الوجهة القادمة. كان عندي بعض الخيارات؛ فكرت في أخذ قسط من الراحة والابتعاد قليلًا عن الحياة العملية ثم العودة إلى العمل الحر-وهذا ما حدث فعلاً- لكن لم يكن هناك مسار واضح بالنسبة لي بعد. إضافة إلى ذلك، كنت قد تزوجت حديثًا وأصبح القرار أصعب مع زيادة المسؤوليات وحاجتي أكثر للراتب.
بطبعي، أحب المغامرة وأستمتع بتحدي مخاوفي. كنت مدركًا جدًا لأهمية التغيير في حياتي. متى أحسست بصعوبة اتخاذ قرار ما، فأنا فقط أتخذه دون تفكير كثير، وكأنني أرمي نفسي من مكان مرتفع. قررت أن لا أفكر كثيرًا في العواقب، لكن قبل أن أقفز تأكدت من أخذ مظلة للنزول بأمان، ادخرت مبلغًا من المال يكفيني لستة أشهر قادمة.
تيقنت بعد استقالتي أنني فعلت أفضل قرار في حياتي. جلست لأسابيع مع نفسي لا أفعل شيئًا محددًا، بل كانت أيامي عشوائية إلى حد ما؛ أستلقي، أمارس الرياضة، أشاهد نتفليكس وأقرأ كتبًا كانت على الرف منذ زمن. هذا يمكن أن يكون ساعدني في التعرف أكثر على نفسي وترتيب أفكاري بعيدًا عن ضغوطات الوظيفة والمهام اللامتناهية. أدركت خلال تلك الفترة أن العمل من 8 صباحًا إلى 5 مساءً دون احتساب ساعات التنقل اختطفني، ولم يعد عندي وقت حتى للتعرف على نفسي والقيام بأشياء أحبها.
بعد مرور شهرين تقريبًا على تلك الحالة، قررت العودة للعمل بعد أن امتلأت خزانات الحماسة عندي. في تلك الأثناء بدأت بالعمل على تحديث معرض أعمالي ومحاولة تحسين تواجدي في شبكات التواصل الاجتماعي. في تلك الفترة وصلتني رسالة على بيهانس من مدير التقنية في ثمانية علي، الله يذكره بالخير، أبدا إعجابه بعملي وعرض علي العمل على مشروع واعد في ثمانية. تحمست كثيرًا وبدأت بالعمل كمستقل آنذاك، وبعدها عرض علي العمل في وظيفة دوام كامل. لم أكن لأرفض العرض، لأني أحببت الفريق والمشروع وآمنت به، وكنت معجبًا بثقافة الشركة وبيئة العمل الصحية.
لا شك في أن التوفيق الإلهي هو الذي يجعل الأمور الصعبة تتيسر، وما على الإنسان إلا أن يأخذ بالأسباب التي تعينه على تحقيق ما يريد. ومن أحد هذه الأسباب هو طلب التغيير إلى الأفضل. لا تبحث أبدًا عن الاستقرار لأن هذه الدنيا ليست دار استقرار. ادفع نفسك دائمًا إلى المناطق التي لا تحبها لأن النمو يحدث عند الأزمات.
والسلام عليكم.
نشرة أسبوعية تُعنى بكل ما يخص التصميم وأسلوب الحياة. تقدم النشرة محتوى متنوع، تجارب شخصية، أخبار التصميم، أحدث الأدوات والتقنيات و الكثير.